نشطت مراكز خدمة الطالب بعد إدراج المشاريع التربوية ضمن بنود التقييم للطلاب فلجأ غالبية من الطلاب وأولياء الأمور لتلك المراكز لإعداد هذه المشاريع في ظل غياب رقابة الجهات المعنية بالدولة عن هذه النشاط ولا أعلم ماهو التكييف القانوني له؟ لكني على يقين أنه خيانة لجيل المستقبل الذي يفترض أن يكون معتمداً على ذاته في أبسط الأمور.
إن لجوء أولياء الأمور والطلاب لهذه المراكز ماهو إلا نتيجة تتطلب بحث الأسباب والحد منها قدر المستطاع ولعل متابعتي خلال الأيام الماضية كشفت الكثير من الأسباب لكن الجميع يشترك في ثلاث أسباب تقريباً:
١- عدم إلمام الطالب بمفهوم المشروع وكيفية عمله ولا خطواته ومن أي يبدأ وأين ينتهي.
٢- كم المشاريع المدرسية خصوصاً لبعض المواد والتي يتطلب مشروع لكل درس في المادة.
٣- اشتراطات بعض المعلمين بمواصفات عالية لتحويل هذه المشاريع كوسائل تعليمية يستخدمها المعلم فيما بعد.
لذلك افتقدت المشاريع الأهمية التي وضعت من أجلها، بل ساهمت في تعويد الطالب على الاتكالية واتباع أقصر الطرق ولو كان على حساب قيمه وأخلاقيات طلب العلم.
إن أول الحلول للحد من هذه الظاهرة وضع حصص معينة ضمن الخطط المدرسية يزود الطالب خلالها بالمهارات اللازمة وأدوات البحث بدءاً بتحديد هدف المشروع ونوعه واحتياجاته وكيفية جمع البيانات وتحديد مصادر المعلومات وطرق تحليلها فجميع ماسبق يساهم في فتح آفاق لحب الاستطلاع كل على حسب الفئة العمرية ومن الأفضل أن يبدأ الطالب مشروعه خطوة خطوة ويتابع المعلم ما أنجزه الطالب خلال فترة يتم تحديدها سواء كانت على نطاق فردي أو نظام المجموعة بعد تقسيم الأدوار فيما بينهم.
ومن باب التجربة الشخصية كان لي زيارة لمدارس مملكة البحرين عام ٢٠٠٧م ولا زال المشهد راسخاً في ذاكرتي تجولت في ابتدائية حطين الواقعه بمدينة المنامة وإذا بأحد فصول الصف الثالث طالب جالس يكتب وعلى “طاولته” مجموعه من الكتيبات
فسألته: “شنو تسوي” كنت اتوقع “يحل واجب”.
أجابني: أسوي بحث عن الكمبيوتر.
سألته: عادي تشرح لي عن شنو بحثك؟
أجابني: أشوف كم ساعة يستخدم الطلاب الكمبيوتر في اليوم؟
استأذنته بأن ألقي نظرة فإذا هو بحث جميل بخط يده يناسب عمره بدأ بوضع عنوان له “ساعات استخدام الطلاب للكمبيوتر” وضع تعريف للكمبيوتر وفوائد استخدامه للطلاب بشكل مختصر ومن ثم طبق استبانه صغيرة جدا تحتوي على سؤالين “هل تستخدم الكمبيوتر” و “كم ساعة تقضيها في استخدام الكمبيوتر”. ثم قام بتفريغ إجابات الطلاب على جدول التكرارات ليرسم بعد ذلك المخطط البياني.
عاودت سؤاله مره أخرى: منو علمك تسوي جذي؟
أجابني: الأبلة تساعدني.
رغم بساطة وحجم الموضوع إلا أنه فتح للطالب آفاق جديدة في البحث عن المعلومة قد تكون هي النواة لأبحاث قد تغير مسار البشرية مستقبلاً، لذا لا نعقد المشاريع والأبحاث على طلابنا وبنفس الوقت لا نستهين بها، بل تشجيعها ومتابعتها وتطويرها.