في كل وزارة من وزارات الدولة مشكلاتٌ تسعى القيادات فيها إلى حلها، ومن ضمن تلك الوزارات وزارةُ التربية. غير أن وزارة التربية لها خصوصيةٌ، ومشكلاتها لا تمس فئةً من الناس، بل تمس كلَّ الناس وكلَّ بيت؛ لذلك يجب معالجة أيِّ مشكلة بعقول واعية، وتفكير وتخطيط صحيحين.
حل مشكلات التربية ليست بيد الوزير؛ إذ دورةُ حياة أيِّ وزير في الكويت، ولا سيّما وزيرِ التربية، أصبحت كدورة حياة بعض الكتب المدرسية، صلاحيتُه فصلٌ دراسي واحد .
التصريحات الصحفية لا تُسمن ولا تغني من جوع، فلا خير في أقوال متزنة إلا مع عمل أكثرَ منها اتزانًا. يقولونَ: استثناءَ المؤسسات التعليمية من التقشف. ونحن نقولُ: لا نريدُ تقشُّفًا، بل نريد حمايةَ أموال الدولة من الهدر في مشروعاتٍ مُخفقة، ولجانٍ وهمية، وسفريات هنا وهناك. يريدون نزاهةَ التعليم في ملاحقة أصحاب الشهادات الوهمية، ونحنُ نريد ملاحقةَ مَن أغرق التربية بهذا التخبُّط والعشوائية وسار بها إلى تلك المهزلة من أهل الشهادات العالية .
الوزير الجديد يصرِّحُ: إن ملفات التربية شائكة، ولا تُحلُّ بجرّة قلم. أتعلم لماذا مشكلاتُ التربية، يا سعادة الوزير، شائكةٌ؟ ببساطة، لأنّ مَن يريدُ الحلَّ لا وجود له أساسًا، لا بل إن ثمّةَ مَن فتحت له تلك المشكلاتُ بابَ رزق، وثمّةَ مَن لَو حُلَّتِ المشكلات، لسُرِّح منَ العمل، ولدُمجت إدارتُه بإدارة أخرى. فتأمّل يا سعادة الوزير !!
أخيرًا أقول: إن الحلول سهلة إنْ وَجَدتِ النيةَ الصادقة للإصلاح عند الوزير أوّلًا، وعند مَن يليه ثانيًا. ويبدأ الحل بثلاث خطواتٍ ليس غيرُ، بعدها ستُحَلُّ مشكلاتُ التربية بأسرها:
– أولًا: حسن اختيار الوزير لبطانته. وهذا مهم جدًّا.
– ثانيًا: فك الارتباط بين التربية والبنك الدَّوْلي؛ فالمستفيد الوحيد ليس نحن ، ومن ثَمَّ اختيارُ لجانٍ محلية أمينة وصادقة، تضع المناهج وَفق بيئتنا ومستويات أبنائنا الحقيقية، بالتوافق مع المتطلبات العلمية والثقافية العالمية.
– ثالثًا: محاسبةُ كلِّ مقصر في عمله، ومكافأة المتميزين. وليكن شعار وزارة التربية: (نريد زيادة إنجاز، لا زيادة عدد). وليكنِ الإنجازُ ثقافةً نتعامل بها يوميًّا. هذا إن كنّا فعلًا نريد الإصلاح، وإلّا فالسكوتُ مِن ذَهَبٍ .