تبدل الزمان وبدل معه عقليات كثير من الناس ، تغيرت مطالبهم فتغيرت حياتهم معها ، زادت مساحة الحرية فى هذا الزمان حتى جَسر الصغار على الكبار ، وارتفع السخف والطيش وزال الوقار ، والسبب تشدقنا بالمدنية بما تحمله من شهوات وشبهات لدرجة أنها أتلفت عند البعض فطرته السليمة، فأنحى الدين جانباً وفضل ركوب جوادها ، أخذ المدنية بحذافيرها غير مفلترة فتزعزعت المعتقدات وتطورت العادات، فأصبحت ممارسات البعض وتصرفاتهم كأجنّة مشوهة نشاهد بعضها هنا وهناك فى البيت والشارع والسوق والعمل ومن كثرتها وديمومتها أعتقدنا إنها نتاج أفكار أجدادنا فألفناها رغم إنها خاطئة ولا تمت للآباء والآجداد بأي صلة ولكى نقترب أكثر منها نستميح الزمان عذراً بأن يخبرنا عن بعضها دون الدخول بالتفاصيل فالقراء الكرام يقرأون مابين السطور فطأطأ الزمان رأسه وهو يشتكى قلة حيلته بتلك العادات فقد فُرضت عليه ، لم ينتظر وأخذ يسرد لنا بعض تلك العادات حتى قلنا ليته سكت .
قال الزمان : عن ماذا أحدثكم ؟ عن إحتراماً لم يعد موجوداً إلا لصاحب المنصب والمال ، أم عن نفاقاً إجتماعياً متمثل بتلك الحفاوة والترحيب لأناسٍ بغية المصلحة ، أم عن تقديرٍ للحرامي وتحقيرٍ للأمين ، أم عن مجلسٍ للرجال تخلى عن دوره فى تثقيف الناس وتزويدهم بالحكايا والحكم والمواعظ واستبدله بالغيبة والنميمة ، أم عن قطيعة بين الجيران أو انتهاك خصوصيات من بالجوار ومحاولة تتبع عوراتهم ، أم اعتقادا بأننا شعب الله المختار وإن من يخالفنا بالعقيدة أو المذهب أو الجنسية هم علينا عار ، أم قلة حياء من بعض النساء فى بيتها ومع زوجها وفى عملها وفى الشارع والسوق ، أم عن ضعفٍ فى التزاور بين الأهل والأخوان حتى بات الكل يظن بك الظنون أن تكرمت بزيارته فيبادرك بالسؤال : عسى ما شر ..أتريد شيئاً من زيارتك ؟
أو أحدثكم عن تخطي الدور فقد أنتشر فى كل مكان ، الشارع والجمعية وفى الوزارات بل وصل الأمر للمساجد وتخطى الرقاب ، أم أحدثكم عن إحترام الوقت وكم من أناساً فرطوا وظلموا فى إحترامه، انظرْ للدوائر الحكومية والأصدقاء بل لننظرَ فى أنفسنا فكم من أعمارنا وقتاً أضعناه ؟
أخيراً نقول أن كثير من عادات آبائنا وآجدادنا الذين تعبوا فى إصلاحها وغرسها فينا والتى استمدوها من الدين الإسلامي النقي ، تكاسلنا فى نقلها لمن بعدنا فأستحدثوا لهم عادات ، لذلك من واجبنا أن نقر الصحيح ونرفض الخطأ والقبيح ، ولا نأخذ من الغرب إلا ما يناسبنا ، وإلا ما فائدة إسلامنا ؟