أقف فى مقالي هذا عند تصريح ينسب للوزير الفارس يقول فيه بأن المعلم الوافد الجيد صعب استقطابه لأن الراتب قليل .
يثير الفارس مشكلة أراها أنا بأنها أحد أسباب انهيار التعليم فى الكويت ، دول العالم المتقدم تعليمياً تبذل قصارى جهدها فى استقطاب المعلمين المتميزيين ، وتبذل جهدها لراحة ذلك المعلم وسعادته وإستقراره الوظيفي ، ليقينها بأنه إن صلح حال المعلم صلح التعليم ، تلك الدول تريد فعلاً رفعة بلادها ، ويبدأ ازدهار البلد بازدهار التعليم ووضع المعلم فى مكانته اللائقة به .
دولة كاليابان مثلاً تعطي المعلم حصانة الدبلوماسي وراتب الوزير ، راتب المعلم المبتدئ فيها يبدأ من 2900 دينار ، وهذه لوكسمبورغ من أصغر الدول الأوروبية والتى جعلت المعلم هو راسم مستقبل بلاده ، تعطي المعلم المبتدئ 1800 دينار وهكذا كل الدول المتقدمة تعليمياً ، لا تنظر للراتب مهما أرتفع مادام النوعية مميزة وأثر هؤلاء المعلمين واضح فى تقدم البلد .
أما نحن فى وطننا العربي فقد أصبحنا نبحث عن الأرخص وليس الأفضل ، وإن حصلنا على الأفضل فإننا نبخسه حقه ، هذه السياسة وإن نفعت فى المواد الاستهلاكية التى ملأت الأسواق ، والتى تركنا بها الصناعة الجيدة واستبدلناها بالصناعة الرديئة توفيراً للمال ، إلا أن تلك السياسة لا تصلح أبداً مع صناعة الإنسان ، فهو أغلى استثمار لأي بلد يمكن أن يستثمر به .
المعلم الوافد فى بلادنا لم نعطه حقه ، ولم نسعده ، فإن كان متميزاً فقد ظلمناه براتبه وسكنه ومعيشته ، وإن كان سيئاً فقد ظلمناه ببقائه لدينا ، وكان يجب استبداله فوراً .
أخيراً أقول بأنه يجب على الدولة ممثلة بوزارة التربية بأن تحسن اختيار اللجان التى تذهب للخارج ، ممن يشهد لهم بنزاهتهم وتميزهم ولا يمنع أن يكون من بينهم وافدون بشرط أن لا يكونوا من نفس البلد ، وعلى تلك اللجان أن تحرص على المعلمين المتميزيين مهما كانت شروطهم ، وأن يمنح من المزايا ما يجعله يؤدى عمله على أكمل وجه ، فالبذل على هؤلاء ليس ضياعاً للأموال بل هو أعظم شىء يقدمه الوطن لأبنائه ، وفى حالة تقصيرهم يتم إنهاء خدماتهم فوراً ، فإصلاح البشر أمر لا يقبل المساومة أبداً .