كان الناس قديماً يعطون الكثير ويأخذون القليل ، فكانت قوة العطاء تسيطر أكثر من قوة الأخذ ولذلك كانت البركة تحفهم رغم قلة ما يأخذون ، أما اليوم فكثير من الناس يحبون عادة الأخذ ولا يحبون العطاء ، بما يتوافق مع مصالحهم الخاصة على حساب المصلحة العامة ، وهنا فازت فى نفوسهم قوة الأخذ على قوة العطاء وبرغم كل ما يأخذون تجدهم متذمرين من كل شيء ، فتلاشت البركة وهم لا يشعرون .
اليوم قلة هم المحبين للعطاء ، المضحين بأوقاتهم وطاقاتهم من أجل الآخرين ، تجدهم لا ينتظرون مقابل ، وإن أخذوا فلا ينظرون لما أخذوا قليلاً كان أم كثيراً ، وهذا ليس فى الميدان التربوي فقط بل فى كل وزارات الدولة وفى الحياة العامة أيضاً .
ألا ترى من يفرض عليك نفسه فى الشارع وخاصة عند الدوار علماً بأن الأولوية لك ، ولو كان مكانك لما قبل هذا الأمر ، لكن سيطرت على قلوبهم قيم السيطرة والقوة والربح غير عابئين بالآخرين .
أما العطاء فيعني أن تشارك الآخرين وقتك ، طاقتك ، مهاراتك ، أفكارك ، تواصلك مع الآخرين الذين يمكن أن يستفيدوا منك ، وأن تتنازل عن أشياء أنت فى غنى عنها ليستفيد غيرك هو بأشد الحاجة لها ، يضحون عن قناعة ، لا ينظرون لما سيأخذونه نتيجة عطائهم ، لذلك فقلوبهم امتلأت بقيم الحب والمساعدة والعطف والعدالة
وأياً كانت فهى أخلاق ومبادئ لدى الناس تربوا عليها ، وتأثروا بها ، ألا ترى المدير الذى طلب إنجاز مهام معينة فى اجتماعه الأسبوعي فبادر اثنان فى المجموعة بتحمل تلك المهام دون مقابل ، وألا ترى ذلك المعلم الذى رفض مساعدة زملائه بتحمل حصة زميلهم الغائب وقال : شمعنا أنا .
وذلك المعلم الذى يأخذ طلابه فى رحلة مدرسية لشرح درس على الطبيعة ومن موقع الحدث كما يقولون ، وتلك المديرة أو رئيسة القسم التى تطالب المعلمات بالمزيد من الجهد ثم تبخل عليهم حتى بالاستئذان فضلاً عن التقدير.
صور العطاء كثيرة وصور الأخذ أكثر ، وكثير من الناس وازن بين تلك القوتين ، والبعض سيطرت عليه إحدى القوتين داخلياً فظهرت فى سلوكهم .
أخيراً أقول بأن عادتي الأخذ والعطاء تحكمهما قوانين السماء قبل قوانين الأرض ، فقد رغب ديننا بالعطاء ووعد أهله بالأجر العظيم بشرط أن يكون لوجه الله تعالى ، لا لمصلحة أو منفعة دنيوية ، قال تعالى ( وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) سبأ39
شاهد أيضاً
معلم نت | مقالات | اليوم العالمي للمعلم بقلم: أ.حمد السهلي
المعلم تلك الشمس التى أضاءت دروب الحياة لنا، كان قدوة ويبقى قدوة وإن جار عليه …