لست من هواة الحروب الكلامية ولا أجيد مهارة “المجالدة الالكترونية في شبكات التواصل الاجتماعي , إلا اني لا أنكر ان فضولي “الذي يحاول أن يرمي بي خارج المجموعة الشمسية” يجبرني غالبا على متابعة المجالدين الالكترونيين وتعليقاتهم المليئة بالأشلاء والدماء وبقايا العظام التي يقذفونها على بعضهم لا لسبب إلا انها ترسم لي بشكل مبسط أفكار وأطماع و والنزعة المادية للنفس البشرية التي حيرت الفلاسفة في الماضي والحاضر وستزيد حيرتهم منها مستقبلا.
تُعتبر قضية صرف بدل السكن للمعلمات الوافدات هي أكبر مجالدة الكترونية تابعتها ليس فقط في الحسابات المهتمة بالشأن التربوي بل تعدتها الى حسابات ” تابعني وأتابعك والفاشينستات و مقاطع عبدالناصر درويش” , لست معنية بحيثيات القضية فثقافتي القانونية محدودة, ما فهمته ان معلمة من الجنسية العربية رفعت قضية على وزارة التربية لأنها لم تلتزم ببنود العقد الذي ينص على توفير سكن ملائم لها أو دفع مبلغ شهري مناسب لكن ما حدث ان الوزارة تدفع للمعلمة مبلغ 60 دينارا فقط في حين تدفع للمعلم مبلغ 150 وهذا خرق واضح لبنود التعاقد التي لا تفرق بين ذكر وانثى.
حكم المحكمة المؤيد للمعلمة الوافدة العزباء او المتزوجة من موظف لا يُصرف له بدل ايجار كان أشبه بلغم ضخم تم تفجيره في وسط منتزه زراعي في يوم ربيعي, بلا أي مقدمات تعالت أصوات غريبة عجيبة تشبه الى حد كبير صوت “هرن مجموعة من 300 سيارة موديل شيفروليه 87 في فجر يوم الجمعة”, ومن حيث لا نعلم انتزعت من القواميس العربية واللهجات الشعبية المختلفة كلمات سب وشتم وقذف غريبة بدأت استوعب لاحقاً ان من اطلقها معلمات ومعلمين من مختلف الجنسيات أما مؤيد لحكم المحكمة أو معارض لها.
شخصياً لا أظن ان المجالدة الالكترونية سيئة الى هذا الحد بل على العكس هي مرآة واقعية بدون فلاتر أو فوتوشوب, مرآة تُظهر بوضوح نقائصنا النفسية وشوائبنا الأخلاقية كمجتمع, إذا كان المعلمون ” وهم صفوة المجتمع الأخلاقي المسئول عن تربية وتهذيب رجال ونساء الغد” تظهر بينهم هذه السلوكيات الغير سوية فما بالكم ببقية الشعب , كنت أظن ان مجتمعنا العربي والمسلم يعاني من أزمة أخلاقية ونفسية كبيره تيقنت الآن انها ليست أزمة , فالأزمات لها خطط لتجاوزها, نحن نعيش في قلب كارثة , كارثة كبرى والمصيبة اننا لا نملك خطط لتجاوزها.
أ. هدى الفضلي