المعلم ذلك الإنسان الذى لم تكن عملية إعداده وتدريبه بالأمر السهل لا على نفسه ولا على حكومته ، لذلك فهو أكبر استثمار للدولة فى تنفيذ سياساتها التعليمية وأعظم كنز تمتلكه أي دولة بشرط أن يكون ذلك المعلم صالحاً فى نفسه ومصلحاً لغيره وقدوة طيبة فى أقواله وأفعاله ، عندها يكون البلد قد وضع نفسه فى مصاف الدول المتقدمة .
للمعلم تكريم يستحقه ولكن قبل أن يكرمه الغير يجب عليه أن يكرم نفسه ، بالمحافظة على كرامته ووقاره ويبتعد عن سوء الأقوال والأفعال ، ولا يبتذل نفسه رخيصة هنا وهناك ، يؤدي عمله على أكمل وجه إرضاء لله وحده لا غيره ، إن احترام المعلم لنفسه ولمهنته هو الخطوة الأولى لاحترام الآخرين له ، فى عالم تغيرت نظرته لكل شىء ولم تعد الكثرة تدل على الصحة، فى عالم غريب يمجد كل شاذ وغريب ، حينها لا ينظر المعلم للهالك كيف هلك بل ليسمو بنظره وينظر للناجي كيف نجا ؟
تفقد العملية التعليمية أهميتها أن فقدت المعلم الصالح فهو بمنزلة الروح لجسد العملية التعليمية الذي يعيد لها حياتها ، لذلك فإن تكريم ذلك المعلم يتحصل بثلاثة أمور لا رابع لها ، أولها احترامه وتقدير دوره وثانيها بإنصافه فى حقوقه وواجباته وثالثها بالسعي لاستقراره الوظيفي ، أمور رغم بساطتها إلا أن الوزارة منذ تأسيسها إلى اليوم قد قصرت كثيراً فيها .
أخيراً أقول بأن الوزارة أنصفت المعلم لحد ما مالياً ( رغم أن ذلك كان رغماً عنها وتخاذلت فى بعض حقوق المعلمين المالية كقطع بعض العلاوات المستحقة) ، لكنها لم تنصفه وظيفياً ونفسياً ، أثقلت كاهله بالمهام التى لا تخصه ، مثلما أثقلت تلاميذته بساعات الدوام وكثرة المواد ، فأي تكريم والمعلم الى اليوم ليس له اختيار أو قرار ولم يهنأ باستقرار ، فالتكريم لا يكون بيوم واحد يتم به توزيع القليل من المال لقليل ممن يستحق ولكثيرٍ ممن لا يستحق ، بل بإحترامه وتقديره وحمايته والتخفيف عليه فى مهامه والمحافظة على وقته وجهده.