إن التربية في وطننا الكويت قِدْرٌ يغلي بما فيه من مشاكلَ تكاد تفور ؛ لتطفئ شعلةَ النور التي نأمل أن تضيء مستقبل الكويت ، وهذه الشعلة تتمثل في أبنائنا الطلاب الذين
يعبث بمستقبلهم قلة ٌ
من المدراء وبعض المعلمين الذين يتهاونون في تقييم الطلاب تقييمًا دقيقًا يجعلنا نقف على المستوى الحقيقي لهؤلاء الطلاب ، فنطّلعُ على جوانب الإبداع لديهم ، فننميها ونستثمرها بما ينفع الوطن ، ونتعرف جوانب القصور لديهم فنبحث عن أسبابها ، ونضع الحلول الناجعة لها ، أما أن يكيل المعلمون – بتشجيع من مدرائهم – الدرجات كيلاً دون رقيب ٍأو حسيبٍ بدعوى الرأفة بهؤلاء الطلاب وأُسرهم فتلك الطامةالكبرى .
إن التهاون الذي نتحدث عنه يصنع جيلًا يعتاد التبعية وعدم تحمل المسؤولية ، بل ويهدم كِيان الوطن بما يقدمه من شخصيات ٍخاوية ٍلا تحمل بين جنبيها أدنى ما يتطلبه ميدان العمل الكويتي ، فالتربية بناء ٌللشخصيات الرائدة القادرة على النهوض بالكويت ، وذاك البناء لا يقوم على ما يكتسبه الطلاب داخل صفوفهم الدراسية من مهارات ومعلومات فحسب،بل ينبني أيضا على ما يكتسبه من سلوكيات يراها رأي العين ويعايشها في أحضان مدرسته ، وذلك من خلال القدوة الحسنة المتمثلة في المدراء والمعلمين ، فماذا ننتظر من طلاب يعاينون بأعينهم التقصير والإهمال ممن تكفلوا بتعليمهم وتهذيبهم؟!
إن سلوكيات الهيئة الإدارية والتعليمية – كما قال علماء التربية – وعاء ٌ ينهل منه أبناؤنا ، فمتى كان هذا الوعاء يفيض بالخير كانت الثمرة المرجوة من جيل صالح رائد ، ومتى كان هذا الوعاء يفيض بغثاء المفاسد كان ما لا يُحمد عقباه.
فكم من مدير ٍانتقد معلمًا أمام طلابه ، واستدعى الطلاب إلى مكتبه ليشهدوا على معلمهم بما فعل على مرأى ومسمع من زملائه المعلمين والإداريين، ولا يدري ذاك المدير أنه بفَعلته تلك قد جعل من المعلم متهمًا تجب محاكمته ، وغرس أشواك الخصومة
بين الطلاب ومعلمهم ،فأفقدَ المعلم هيبته أمام طلابه ، مخالفاً بذلك كل النظريات التربوية الحديثة وضاربا عُرض الحائط بكل فكرٍ تربوي سديد، فكيف يوقر الطلاب معلميهم بعد ذلك ؟!
هذا سلوك واحد من آلاف السلوكيات التي يخطئ فيها بعض القائمين على مدارس أبنائنا ، وما خفي كان أعظم ؛ لذا وجب علينا أن نختار لمدارسنا قادةً يتمتعون بسمات القدوة الحسنة ، قادة ً
قادرين على تطبيق النظريات التربوية السليمة بما يصنع مجداً لهذا الوطن .
هذا غيضٌ من فيض وقليلٌ من كثير ، ولا زال القِدْرُ يغلي .