الأوبئة والأمراض مواسم العقلاء كما قال الإمام أحمد بن حنبل يستدركون بها ما فات من فوارطهم وزلاتهم إن كانوا من أهل الزلات وإلا استزادوا من الطاعات .
فايروس كورونا لم يأت ليخرب ويدمر ويقتل بل جاء ليعلم البشر كم هم مجرمون بحق أنفسهم ومجتمعهم وكوكبهم .
لقد هدأ البشر فهدأ الكون واستراح فقل التلوث حتى صرحت منظمات البيئة بأن حظر التجول فى دول العالم أعاد النقاء للهواء والماء على سطح الأرض ، فقلت نسبة التلوث بسبب توقف الكثير من المصانع ، وعاد الصفاء للمياه فى البحيرات والبحار لقلة السياح ، وهذا جانب من الجوانب المضيئة فى تلك الأزمة وجانب آخر بأن تلك المحنة هيأت المناخ المناسب لتغيير بعض عاداتنا السيئة واستبدالها بعادات حسنة والخبراء يقولون بأن تغيير عادة سيئة يحتاج 21 يوماً ليغيرها ولكن الحقيقة بأن ذلك يرجع لشخصية الإنسان وقوة إرادته ، فالحجر المنزلي وحظر التجول فرصة عظيمة لذلك ومن تلك العادات أن الأزمة علمتنا بأن الكثير مما ننفقه فى حياتنا يمكننا العيش بدونه ، كماليات كثيرة لا نحتاجها ويمكننا العيش بدونها وقد تذكرت مثل تردده الجدات يقول (يجوز العيد بلا حناء) ويعني بأن عدم وجود الحناء لن يُفسد فرحة العيد الذي سيأتى ويمضي دون أن نفرح به وهذا ينطبق على كمالياتنا التى أقنعنا أنفسنا بأننا لا يمكننا الاستغناء عنها فحياتك لن تتوقف إن لم تحصل على هذه الأشياء ، والحال اليوم يقول بأنك تركت المطاعم والكوفيهات والحمد لله لم تمت بسبب ذلك ، وهذا يجعلنا نعيد حساباتنا مع تلك العادة وغيرها .
ومن الجوانب المضيئة الأخرى للأزمة توقف الإنسان عن انشغاله بالدنيا ، لينشغل بعلاقته مع خالقه ويتبصر بما يجرى من حوله نتيجة أفعال من أصغر مخلوقاته ، كذلك جانب آخر وهو تقوية العلاقات الأسرية عند بعض الأسر التى أشغلتهم الحياة عن الجلوس مع أبنائهم والتعرف عن قرب عن مشاعرهم ومشاكلهم .
هذه عينة بسيطة تعلمناها من تلك الأزمة ودائماً المحن تعطي دروس ومنح لمن يفقه ويتعلم ، لا توجد أزمة دائمة وهذه سنة الله فى كونه يبقى على الإنسان أن يستثمر تلك الأزمات ليتعلم منها ويأخذ العبر ، لا أن تمر عليه مرور الكرام دون أن يستفيد منها.
أخيراً أقول بأن الأزمة بإذن الله تعالى ستنتهي ، وكل يوم تعيشه هو هبة من الله لك ، فعشه بكل تفاصيله بما يرضيه وأشكره على نعمه وإن كان ظاهرها الشر ، ففى الشكر تدوم النعم وبغيره تزول ، اللهم احفظ الكويت وأهلها والمقيمين عليها بحفظك وألبس قياداتنا لباس الصحة والعافية اللهم آمين.