لا يمكن لأي إنسان إخفاء مدى أهمية التربية والتعليم ودورهما في تنمية الفرد والمجتمع، وكذلك دورهما في نقل الثقافات بين الأجيال والشعوب، فالتربية والتعليم لهما تأثير هام في الاتجاهات السلوكية المجتمعية، وتكمن أهمية التربية والتعليم في الاسهام باستمرار ثقافة المجتمع وتجديدها ونقل التراث الثقافي، وهما الوسيلة الأهم لتكوين الأفراد فكرياً وضمان الاستمرار بين الأجيال المختلفة.
إن العلاقة بين التربية والتعليم علاقة غير واضحة، وقد أدى عدم وضوح هذه العلاقة إلى أخطاء في حقل التربية والتعليم، وقد ظهرت فروق بينهما ومن أهم هذه الفروق بين عملية التربية من جهة والتعليم من جهة أخرى، أن التعليم يمثل جزءاً من التربية، والتربية تشمل التعليم، والعكس غير صحيح.
فالتربية والتعليم عبارة عن مصطلح شائع يدل على السبل والطرق التي تمكن الناس من اكتساب المعارف والمهارات والتي يستطيعون من خلالها فهم أنفسهم وفهم ما حولهم فهماً صحيحاً ومعرفة كل ما يدور حولهم معرفة دقيقة.
وأما بالنسبة للتربية فهي أشمل من التعليم وهي جزءٌ منها ولا يستطيع الفرد أن يتعلم دون تربية، ومن هنا نستنج أن التربية هي الأسبق من التعليم ولا يمكن الاستغناء عنها، وإذا اردنا أن نقارن بينهما نجد أن التعليم بعد التربية ومع ذلك فهما مصطلحان متلازمان لا يمكن أن يستغني أحدهما عن الآخر، فمنذ النشأة ونحن نسمع بهذا المصطلح -التربية والتعليم- إذ تعد التربية ركناً أساسياً من أساسيات التعليم ولا تتم العملية التعليمية بدون العملية التربوية.
والتربية والتعليم هما وجهان لعملة واحدة لا يمكن أن ينفصل أحدهما عن الآخر، ولكن من حيث الأهمية فالتربية هي التي تصون العلم وتحفظه، إذ يمكن للإنسان أن يُحصّل جبالاً من العلوم في أعوام قليلة ولكن من الصعب جدا أن يتعلّم سلوكا أو يترك سلوكا في مدة زمنية وجيزة وقد قال علماؤنا قديما ” التخلية قبل التحلية ”
فلو افترضنا مثلاً أن الإنسان أهمل ونشأ بدون تربية فإنه سيضيّع ما تعلمه ولا يمكن أن تكون العملية التعليمية ناجحة بالنسبة له، لأن التربية من معززات ومقومات التعليم، فلو تعلم فرداً موضوعاً علمياً معيناً دون تربية فلن يكون هذا العلم كاملاً أو ناجحاً بالنسبة لهذا الفرد لأنه لا يملك قواعد وأساسيات التعليم ومع هذا كله فإنه لا يمكن للتربية أن تستغني عن التعليم، لأنها عنصر أساسيٌ من عناصره وركن رئيسي من أركانه فلا بد من التعليم حتى تكتمل العملية التربوية بشكل تام.
ولا يمكن للتعليم أيضاً أن يتم دون العملية التربوية ولا يستطيع أن يستغني عنها، لأن التعليم دون تربية زائل لا محال ولن يكون ناجحاً، إن الهدف الرئيسي للتربية الوصول إلى التوازن بفكر الإنسان وتصرفاته في كل نواحي حياته حتى يكون صالحاً وناجحاً مع نفسه ومع المجتمع، لأن الغاية من التعليم تحقيق المصالح الشخصية والمصالح العامة التي لا يمكن أن تتحقق إلا بالتربية.
وأخيراً نستنتج أن التربية والتعليم هما جزءٌ لا يتجزأ، ولا يمكن أن تتم العملية التربوية دون التعليم أو العملية التعليمية دون التربية.