جاء الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوماً فوجد الصحابة رضوان الله عليهم جلوساً فسألهم : ماذا تتمنوا ؟فقال أحدهم : أتمنى هذه الدار مملوءة بالذهب أنفقها فى سبيل الله ، قال صحابي آخر : أتمنى أنها مملوءة زبرجد وجواهر أنفقها فى سبيل الله ، فقال عمر : أما أنا فإني أتمنى بأنها مملوءة رجالاً كعبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وحذيفة بن اليمان .
لقد تمنى رجالاً ذوي عزيمة صادقة وبصيرة نافذة يقود بهم مستقبل الأمة ، فأي مجتمع يكثر به أناساً بهذهالصفات فلاشك بأنه مجتمع متطور ، وأنا أقول : أتمنى أن يمن الله على وزارتنا برجال ذو عزيمة جادة وبصيرة نافذة لينهض تعليمنا المحتضر .
مشكلة وزارة التربية هو الاعتقاد بأنها تدار كما تدار بقية الوزارات ، قلما تجد فيها من يؤمن بأنها مصنع بناء أفراد المجتمع وبالتالي يتحتم كثرة تواجد من يتصفون بتلك الصفات فيها وعلى بقية الوزرات تسخير كل إمكانياتها لهذه الوزارة لا لكثرة الشهادات العليا فيها (فحالنا قبل تلك الشهادات وأهلها كان أفضل) بل لأنها فضلاً عن صنعها أجيال متعاقبة متسلحة بالعلم والثقافة ، فهى من تبذر بذور القوى العاملة لتلك الوزارات ، وحال الوزارة قبل الأزمة لا يسر فكيف وقد زاد الطين بلة بعد الأزمة، ولنبدأ بأبسط الأمور موقع الوزارة الإلكتروني فلا صفحة محدثة ولا روابط تعمل ، ومن يعمل لا ينجز شيئاً ، لم أسمع بأن أحداً أنجز معاملته من خلال الموقع ، بل أذكر أنني قدمت من خلال الموقع على الأندية المسائية قبل ثلاث سنوات وإلى الآن لم أتلقى رسالة توحي لي بأننى أتعامل معأحياء ، وقس على ذلك كل خدمات الموقع ، أما مبنى الوزارة ذلك الصرح الشامخ الذي لا يضم كل أقسام الوزارة بل هناك مباني مستأجرة لبعض قطاعات الوزارة خارج مبنى الوزارة ، هذا فضلاً عن افتقاره لمواقف سياراتالمراجعين ، أما الميدان التربوي فهذا حدث ولا حرج ، فالمعلمين الوافدين العالقين التى سمحت لهم الوزارة بلسان وزيرها السابق بالذهاب وتخلت عنهم بالعودة ولم ترحم معاناتهم فأوقفت رواتبهم ، وإلى اليوم يعاني الميدان نقصاً بالمعلمين لم تعوضه الوزارة خاصة المتوسط والثانوي ، ويحمل الميدان هموماً فوق همومه فماذا أقول وعن ماذا أتكلم؟ هل أتكلم عن لجان الاستعداد للعام الدراسي أو عن السلفة المالية التى وعدت بها الوزارة مديري المدارس لتجهيزالمدراس وبعدها رمت الوزارة الكرة فى ملعب الجمعيات التعاونية ، أم أتكلم عن العمالة الغير موجودة منذ بدء الدوام المدرسي وإلى الآن نقص كبير بالعمالة، أم أتحدث عن تأخر الأعمال الممتازة ومماطلة الوزارة رغم فراغ الوزارة طوال فترة الصيف دون إنجاز يُذكر ، أم أتحدث عن مجازفة الوزارة بأرواح الطلبة بالتعليم الحضوري رغم أنالوباء لا يزال ، أم أتحدث عن منع المقاصف أم أتحدث عن بعض إدارات مدارس البنات الثانوية التى منعت الطالبات من الخروج من الفصل وقت الفرصة ، والتعسف مع أي طالبة تريد زيارة الممرضة لصداع وما شابه ،فإحدى المدارس تمر الطالبة المريضة بجيش من الأبلات قبل أن تصل الى الممرضة ، هذا غيض من فيض والخافي أدهى وأمر .
أخيراً أقول لو سترنا أنفسنا واستمرينا بالتعليم الإلكتروني لكان خيراً لنا من خسائر لا تزال مادية قبل أن تصل إلى الأرواح لا قدر الله ، بصراحة الوزارة والميدان غير مستعدين للعام الدراسي ومشاكل يومية تحدث وكل ذلك منأجل أن تظهر الوزارة بأنها عادت للحياة الطبيعية وهذا غير صحيح .