مع الخيل يا شقراء بقلم: أ. خالد عيد العتيبي

مع الخيل يا شقراء

بقلم: أ. خالد عيد العتيبي

@khalid4edu

في المجتمع الوظيفي التعليمي، يتكرر ظهور سلوك النقد والشكوى بين المعلمين وغيرهم، حيث يتبنى البعض هذا السلوك دون فهم عميق لأسبابه أو رغبة حقيقية في حل المشكلات. وكما يقول المثل “مع الخيل يا شقراء”، يتبع هؤلاء الأشخاص التيار الشائع دون تفكير مستقل أو تحليل منطقي، مما يجعل هذا السلوك ينتشر بسهولة بين الأفراد، خصوصًا مع تأثير شبكات التواصل الاجتماعي.

ولعل أصل المثل “مع الخيل يا شقراء” يشير إلى “التبعية العمياء” فقد ينخرط المعلمون في موجات من الشكوى والتذمر حول قرارات أو بيئات تعليمية أو حتى مواقف معينة أو غيرها فقط لأن زملاءهم يفعلون ذلك، دون أن يحللوا أو يتقصوا الأسباب الحقيقية. كما عبّر عنها الشاعر العربي:

وما أنا إلا من غزية إن غوتْ // غويتُ، وإن ترشدْ غزيةُ أرشدِ

وفي بيئات العمل المدرسي، قد يتعزز سلوك النقد والشكوى بسبب ضعف المهارات والمعارف ليصبح هذا السلوك عادة سلبية تنتقل من معلم إلى آخر، خاصةً عندما يلاحظون أن الشكوى تلقى قبولاً أو تعاطفًا من الزملاء أو حتى الإدارة.

وقد تناول بعض المختصين في علم النفس “التوافق الاجتماعي” الذي يلعب دورًا كبيرًا في تعزيز هذا السلوك، حيث يشعر البعض أن عدم الانضمام إلى الآخرين في النقد أو الشكوى والتذمر يظهرهم بمظهر الجبن والخوف وانعدام الشجاعة، لذلك يسايرون الآخرين لإظهار شخصية مغايرة لواقعهم الحقيقي.

ولعل وسائل التواصل مثل منصة إكس -تويتر- وقروبات المعلمين تساهم في تسريع وانتشار هذه العادة. وينتقل هذا السلوك إلى الآخرين الذين يتأثرون بآراء زملائهم دون تقييم الموقف بشكل موضوعي، ويكونون أحد نماذج ″شقراء″.

ومن أكثر المحفزات لاستمرارهم في النظرة السلبية هو شعورهم بالنشوة والشجاعة، وهو في حقيقته شعور “زائف”، حيث يشعرون بأنهم يفهمون المشكلات التعليمية بشكل أعمق أو يمتلكون رؤية أوضح حول الوضع القائم. هذا الشعور يتعزز عندما يتلقفهم أصحاب الحسابات الوهمية والأجندات المشبوهة والمصالح الشخصية “ضد أي مسؤول لا ينصاع لطلباتهم” فيشجعونهم ويُشعرونهم بالتأييد والتعاطف لتحقيق أهدافهم الخاصة عن طريقهم، وربما يمنحونهم بعض الامتيازات عن غيرهم، مما يجعل النقد يبدو وكأنه سلوك مقبول بل ومشجع وله مردود دون أن يشعرون أنهم “ممشاة زفر”.

لكن في الواقع، هذا النقد لا يسهم في تحسين بيئة العمل، بل يؤدي إلى تفاقم المشكلات ويزيد من مشاعر الإحباط والشكوى الجماعية، مما يؤثر على الأداء المهني للمعلمين، ويخلق بيئة سلبية تعيق الابتكار والتغيير الحقيقي. وقد يتحول النقد إلى سمة عامة في الثقافة المهنية، يصعب التخلص منها، خاصةً عند الجدد الذين يتعلمون بسرعة من محيطهم.

الخاتمة:

النقد والشكوى في المجال التعليمي يمكن أن يكونا أدوات فعالة لتحسين البيئة التعليمية إذا استخدما بحكمة وفي مكانهما الصحيح وبناءً على تحليل عميق ورؤية للتغيير. ولكن إذا كان النقد والشكوى مجرد اتباع لما يقوله الآخرون دون تفكير مستقل، فإنهما يتحولان إلى عائق أمام التحسين ويؤديان إلى نشر السلبية.

وأخيرًا .. على العاملين في المجال التعليمي أن يدركوا أهمية التفكير النقدي البنّاء وألا ينجرفوا حتى لا يكونوا “مع الخيل يا شقراء”، بل يكونوا محفزين على التغيير الإيجابي والابتكار في مجالهم مفاتيح للخير مغاليق للشر. والله الموفق

عن moalem

شاهد أيضاً

معلم نت | مقالات | (طفيليات التربية) بقلم: أ.نايف عبدالهادي القحطاني رئيس قسم لغة عربية

إن الجسد التربوي في الكويت ابتلي بالعديد من الأمراض والأوبئة التي أنهكته على مدى عقدين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.